أكد الموقف الأخير للأمم المتحدة من التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن أن المنظمة العالمية المعنية بالسلام والأمن قد نصّبت نفسها محامياً عن المليشيات الانقلابية في اليمن، ومدافعةً عن جرائمهم بحق ملايين الضحايا الأبرياء؛ بينما كشف المتحدث باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري الأكاذيب التي روّجتها الأمم المتحدة، وفضح دفاعها عن جرائم الانقلابيين.
ففي الوقت الذي كانت وسائل الإعلام الدولية تتلقف موقفاً أممياً جديداً ضد التحالف العربي تحت مبرر انتهاكات بحق أطفال اليمن، في ذات التوقيت كانت مليشيات الانقلاب ترسل قذائف الموت على أطفال مدينة تعز اليمنية، وكان ٣ أطفال جدد ينضمون لقافلة الشهداء الذين قتلتهم حمم الموت الحوثية وجيش المخلوع صالح.
ووفقا لموقع سبق وفي قراءة لرد المتحدث باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري على التقرير، استغرب “عسيري” كيف تهاجم الأمم المتحدة التحالف وهو يطبق قراراً للأمم المتحدة صدر رافضاً للانقلاب على الشرعية، ومطالباً بعودة المؤسسات الشرعية لممارسة دورها وإنهاء كل مظاهر الانقلاب.
وتحدث “عسيري” عن نقاط كثيرة ونسف ادعاءات التقرير بمجمله، لكن كانت هذه النقطة كافية لكشف ازدواجية الدور الأممي في اليمن، وفشل المنهجية المتبعة في جمع المعلومات وبناء التقارير بالشكل المهني وغير المتحيز.
وزعم التقرير أن التحالف العربي مسؤول عن ٦٠% من الهجمات التي تسببت في مقتل أطفال؛ لكنه يتحدث أيضاً في ذات التقرير عن أن المليشيات مسؤولة عن ٧٠% من عمليات تجنيد الأطفال للقتال في صفوفها، ونسبة ١٥% في صفوف المقاومة الشعبية.
ففي هذه الفقرة يتناقض التقرير في بنائه لأن نسبة الـ ٧٠% التي أعطاها للانقلابيين لتجنيد الأطفال، توضح أن الأطفال الذين تم رصدهم كضحايا للهجمات الجوية للتحالف هم في الأساس مقاتلون في الجبهات والمواقع العسكرية وليس في رياض الأطفال والمدارس، وأنه من غير المنطقي أن يقوم الطيران بعملية فرز للمقاتلين في الجبهات المستهدفة حسب السن، وأن من أحضر هؤلاء الأطفال للجبهات هو المسؤول عما يحصل لهم، وليس طيران التحالف الذي يقصف أهدافاً عسكرية بموجب إحداثيات يتم التحقق منها عبر وسائل متعددة.
وفيما يخص حديث التقرير عن المدارس واستهدافها من قبل طيران التحالف، فيكفي لإظهار كذب هذا الادعاء أن المدارس الموجودة في المناطق التي تخضع لسيطرة المليشيات الانقلابية تسير فيها الدراسة بشكل طبيعي، وهذا يعني أنه لا خشية من استهدافها من قبل طيران التحالف؛ بينما مدارس محافظة تعز التي يحاصرها الانقلابيون مغلقة وليس فيها دراسة بسبب قصف المليشيات للمدارس منذ عام ونصف العام.
ففي أحدث إحصائية للمجلس العسكري بمحافظة تعز، قتلت المليشيات الانقلابية خلال فترة الهدنة التي تجاوزت ٥٠ يوماً ٥١ مدنياً بينهم أكثر من ٢٠ طفلاً أي بمعدل طفل كل ٥٠ ساعة، في حين أصيب ٣٩٢ مدنياً بينهم ١٠٠ طفل أي إصابة طفلين كل يوم بنيران المليشيات الانقلابية، فأين هي هيئات الأمم المتحدة وتقاريرها من هذه الجرائم؟ ولماذا لم تصدر حتى بيانات إدانة لجرائم المليشيات؟
فقبل أسبوع من اليوم، كان منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يوهانس فان دير كلاو، يزور محافظة الحديدة التي تسيطر عليها المليشيات الانقلابية وكان يبحث مع قادة المليشيات توفير الكهرباء للحديدة، لكنه لم يزُر مركز الأطفال بهيئة مستشفى الثورة بالمحافظة الذي يموت فيه طفل كل يومين؛ بسبب انعدام الكهرباء وارتفاع درجة الحرارة إلى ٤٥ درجة في المحافظة الساحلية على البحر الأحمر، إضافة إلى ٢٠٠ طفل مصابين بالفشل الكلوي بالحديدة ينتظرون الموت بسبب انطفاء الكهرباء منذ ما يقارب العام.. هذه الجرائم التي تعدّ جرائم اعدام جماعي بحق أطفال الحديدة ومناطق أخرى في اليمن لم تجد حيزاً في تقرير وإفادات مسؤولي المنظمة الأممية، رغم أن المليشيات تنهب إيرادات المحافظة لصالح المجهود الحربي.
وفي محافظة شبوة شرقي اليمن، تشهد المحافظة تفشي وباء حمى الضنك وقد قتل أكثر من عشرة أطفال خلال الشهر الماضي، في حين هناك ٤٩ إصابة بالحمى حالاتهم خطيرة و١٣٠٠ إصابة إجمالية في مديرية بيحان شبوة التي تحاصرها المليشيات للشهر الثالث على التوالي، وتمنع دخول أية أدوية أو مساعدات طبية، بينما الأمم المتحدة لم تحرك ساكناً لإغاثة المرضى، وقام مركز الملك سلمان بإرسال مساعدات طبية لأهالي بيحان يتم إيصالها عبر التهريب إلى الفئات المستهدفة.
ورغم إشارة “عسيري” إلى أن مركز الملك سلمان سلم الأمم المتحدة ٢٩ مليون دولار لدعم برامج خاصة بأطفال اليمن؛ إلا أن المعطيات على الأرض تؤكد عدم تنفيذ الأمم المتحدة برامج خاصة بالطفولة في اليمن.
ويلاحظ زيارة مسؤولي الأمم المتحدة للمناطق التي تسيطر عليها المليشيات، في حين المناطق المحاصرة أو تلك التي حررتها الشرعية والتحالف لم يزُرها أي من مسؤولي الأمم المتحدة باستثناء زيارة يتيمة لمدير أمن محافظة عدن ناقشت إمكانية تأهيل قيادات أمنية على حقوق الإنسان، في الوقت الذي ما زال عشرات الآلاف من الأطفال في عدن بحاجة لبرامج طبية ومساعدات مختلفة.
لا مجال لتبرئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتنوعة من الانحياز التام لصالح الانقلابيين، واعتماد معلومات مضللة تستهدف التحالف العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية، بل إن الهدف الأساسي لهذا التجنّي على المملكة محاولة للضغط من أجل تمرير مشاريع ذات بعد سياسي وليس إنسانياً كما تدّعي هيئات الأمم.
منذ سنة واحدة
منذ سنة واحدة