“عندما يكون الأب عظيماً كـ(عبد الكريم الجهيمان) تكون للإعجاب أبعاد لا متناهية”، بهذه الكلمات عبرت الدكتورة ليلى الجهيمان عن العلاقة التي جمعتها مع والدها الأديب الراحل عبدالكريم الجهيمان.
قالت ليلى وفقا لموقع “العربية.نت” إن كان أكبر طموح من عاش في ثلاثينات القرن الثالث عشر الهجري يكمن في توفير “لقمة العيش”، فما الذي يجعل طفلاً قروياً من أسرة بسيطة في قرية القرائن أن يذهب إلى الرياض لطلب العلم ثم إلى مكة بعد ذلك؟. السر يكمن في روح الطموح العالية التي سمت دائماً نحو المعالي.
تحدثت ليلى عما اختزنته روح والدها الراحل من رغبة شديدة في طلب العلم والمعرفة، فكان باحثاً من الطراز الرفيع: “تعلمت منه الصبر الدؤوب والبحث عن المعلومة الدقيقة في بطون الكتب، أحببت التعليم والتحقت به لأنه من أفضل مجالات بناء الأجيال والأوطان وله أدين بكل إنجازاتي البحثية”.
الأديب الجهيمان، رجل جمع الأمثال والأساطير وتراث الأجداد ولكنه لم يكن تقليدياً في تعامله ونظرته وتربيته: “كان يتمنى أن يكون أحد أبنائه طبيباً ولكنه لم يفرض علينا وجهة نظره بل احترم اختياراتنا. كان رغم جرأته في قول الحق يؤمن بالنقاش والحوار البناء مع أبنائه ومع الجميع، علمنا الصدق مع أنفسنا أولاً ومع الناس ثانياً، كما علمنا احترام الآخر. كان أبا كالصديق. نأنس بالحديث معه وكانت روحه المرحة وتعليقاته الأدبية من أمثال وأشعار تضيف لنا دائماً زاداً من المعرفة”.
كان الأديب الجهيمان، منظماً طوال حياته في موعد فطوره ورياضته وقيلولته. هنا تحدثت ليلى حول تفاصيل دقيقة نظم الراحل حياته على أساسها: “الفطور في الثامنة صباحا والغداء في الساعة الثانية ظهراً، وتناول القهوة العربية والتمر بعد المغرب والعشاء الخفيف الساعة السابعة مساءً. أما الفترة التي يكون فيها أبناؤه حوله، فغالباً ما تكون بعد المغرب وتكون مخصصة للحديث معهم في شتى المجالات”.
كان الأديب الجهيمان يقول: “استغرب ممن يجد لذة الحياة بدون كتاب”. وتتابع ليلى: “كان يقرأ كثيرا من الكتب في كل المجالات وعندما تجاوز التسعين أصبحت القراءة تتعبه فكنت أقرأ له غالبا وعند انشغالي تقرأ له أختي ساره أو أحد إخواني”.
ليلى التي كانت تقرأ له العناوين العريضة في الصحف اليومية، أكدت أن ما كان يعجبه من عناوين يتوقف عندها ويطلب منها أن تقرأ الخبر بالتفصيل ثم يناقشها أثناء القراءة”.
أما فيما يتعلق بالكتب التي قرأها أيام حياته الأخيرة، فتبدأ الدكتورة ليلى القراءة لوالدها من كتاب معين يختاره: “كنا نقرأ بضع صفحات في النهار ومثلها في المساء وهذه الكتب التي قرأتها له في الخمسة عشر عاماً الأخيرة من حياته”.
ومن الكتب التي قرأها، “الكامل في التاريخ لابن كثير، تسع مجلدات، وجامع الأصول لأحاديث الرسول لابن الأثير (12 مجلدا)، والسيرة النبوية لابن هشام، وتفسير القرآن لابن أثير، وكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، والقرآن كل يوم، والراديو في حياة الجهيمان”.
ليلى، نوهت إلى أن والدها أحب الاستماع إلى المذياع كثيراً، خصوصاً عندما يكون بمفرده: “لم يكن يتابع التلفاز ولكن عند متابعتنا له كنا نشاركه في متابعه أهم الأخبار، وكم أحزنه كثيرا الغزو الأميركي للعراق وكان يردد فتن كقطع الليل”.
الأديب الجهيمان له مواقف متعددة من تعليم المرأة في السعودية، فقد شهد خلال حياته التي امتدت لقرن كامل من الزمان تحولات متعددة كما شهد تحولات جذرية في تعليم المرأة: “فهو الذي قد أوقف لستة أشهر، كما تسبب لصحيفة صوت الظهران بالإيقاف، وكذلك إيقاف رئيس تحريرها بسبب نشر مقال عن تعليم المرأة، خصوصا أن الجهات ترى أنه سابق لأوانه”.
ورغم إيمانه الكبير بما جاء في ذلك المقال خصوصاً وهو الذي شرّع التعليم لأبنائه وبناته على حدٍ سواء: “فالعديد من أبنائه وبناته قد حصلوا على أعلى الدرجات العلمية”.